مسار الصياد المولود من الظلال - ولادة الظل - تلقي المهمة
لم ينبس القيصر بكلمة. أسند ظهره على المقعد، وبدأ ينقر بأصابعه على المقعد بخفة: نقرة… نقرتين…
الهدوء الذي يحيط به كان خانق، ثقيلًا وكئيبًا، وكأن كل حركة داخل هذا الفضاء كانت صعبة للغاية.
شعر رايفن هارت كول بضغط هائل، كما لو أن الهواء نفسه قد ثقُل فجأة. لم تكن هناك هالة من القوة التي تصدر من القيصر، لكنه شعر بضغط، شعر ان كأن الزمن قد تباطأ للحظة، وتراكم في صدره ثقلًا لا يمكن تحمله. العرق بدأ يتساقط من جبينه، حاول جاهداً أن يتحكم في تنفسه، بينما لم تمر سوى بضع ثواني شعر رايفن هارت كول انها سنين.
ثم، فجأة، توقفت النقرات.
في اللحظة تحدث القيصر، شعرت رافين هارت كول كان عبئًا غير مرئي رفع عن كتفيه.
“لا داعي للاعتذار، أيها التاج الأسود.”
كانت الكلمات قليلة، لكن شعر رايفن هارت كول وكأن حملاً ثقيلًا قد زال عنه. أخذ نفس من الهواء، محاولًا استعادة هدوئه. وضع يده اليمنى على صدره كتحية، وقال باحترام شديد وهو ينحني:
“نعم، أيها السيد القيصر.”
“لا تشعر بتوتر، أيها التاج الأسود”، قال القيصر بصوت مغناطيسي، ثم أكمل: “لقد أتيتك اليوم لأعطيك المهمة.”
مهمة… فكر رايفن هارت كول، وشعر بالإثارة. هو لم يستطع النوم منذ آخر لقاء مع السيد القيصر. لقد كان ينتظر هذه اللحظة على أحر من الجمر، لا يعلم كيف مر الوقت، وكيف أن الساعات شعر بأنها سنين من كثر الانتظار.
رفع القيصر يده بحركة هادئة، وتحركت الظلال حوله وكأنها كائنات حية، تتنقل في الفراغ لتتشكل كلمات خافتة أمام رايفن هارت. نظرت عيناه، ثم استمع للكلمات التي قالها القيصر.
قال القيصر بلهجة جادة: “مهمتك، أيها التاج الأسود، هي جمع بضعة عناصر.”
توقف الكلام حوله للحظة، بينما الظلال تكتمل في تشكيلها، وتكشف عن قائمة المهمة:
100 ملليتر من دماء وحش شيطان نقي من الرتبة الأولى: النمر ذو الأسنان الذهبية.
قدم النسر ذو المخالب الحديدية – وحش شيطاني من الرتبة الأولى.
عين القرد ذو العين الحمراء – وحش شيطاني من الرتبة الأولى.
وأخيرًا، عشب تحويل الدم من الرتبة الثانية.
جائزة المهمة [تقنية السيف الانفرادي للقديس]
نظر رايفن هارت كول إلى القائمة بتمعّن حتى سقطت عيناه على الجائزة. ما إن نظر إليها حتى اتسعت عيناه بصدمة، وفكر بذهول:
تقنية السيف الانفرادي للقديس؟
تقنية السيف التي أنشأها القديس العظيم، السيف الانفرادي… لقد قالت الشائعات إنه اختفى في سلسلة جبال العمالقة المنكوبة قبل 300 عام بظروف غامضة.
شعر رايفن بالإثارة، لم يستطع تصديق ما تراه عيناه، وفي نفس الوقت ازداد تبجيله للسيد القيصر الماثل أمامه.
كيف أتى بتقنية؟
ذكرت السجلات أن القديس العظيم، السيف الانفرادي، كان وحيدًا، لم يتخذ أي تلاميذ.
كيف وجدها السيد القيصر؟
وفوق كل هذا… المهمة ليست بتلك الصعوبة.
بينما كان رايفن غارقًا بأفكاره، قاطعه صوت ما كان يفكر فيه:
“لا تشعر بالإثارة كثيرًا، فجائزة كهذه وُضعت لأنها أول مهمة لك.”
ما إن سمع رايفن هذا الكلام حتى شعر بالإحباط قليلًا، لكن هذا منطقي. تقنية بهذا المستوى لا تُباع في الشوارع.
انحنى التاج الأسود باحترام وقال:
“شكرًا لك، أيها السيد القيصر. سوف أكون عند حسن ظنك، وسوف أُكمل المهمة على أكمل وجه.”
راقبه القيصر بصمت، ثم قال بنبرة هادئة:
“آمل ذلك.”
رفع القيصر يده وأشار إلى كتف رايفن هارت كول الأيسر، الموشوم بتاجٍ شديد السواد تحته سيف مائل. تحركت القائمة السوداء وانجذبت إلى الكتف الأيسر لرايفن هارت كول، واختفت داخل الوشم. وقال القيصر:
“باستخدام شعار التاج الأسود الموشوم على كتفك، يمكنك التواصل معي… وأيضًا النظر إلى المهمة. يمكنك التجربة.”
نظر رايفن إلى الوشم على كتفه الأيسر ومد يده للمسه، أخذ نفسًا عميقًا وأغمض عينيه، مركزًا كل انتباهه على الوشم. فجأة، ظهرت أمامه قائمة مهمة في ذهنه، وكأنها تطفو في الفراغ أمامه.
[قائمة المهام]
المهمة الأولى: جمع العناصر
100 ملليتر من دماء وحش شيطان نقي من الرتبة الأولى: النمر ذو الأسنان الذهبية.
قدم النسر ذو المخالب الحديدية – وحش شيطاني من الرتبة الأولى.
عين القرد ذو العين الحمراء – وحش شيطاني من الرتبة الأولى.
وأخيرًا، عشب تحويل الدم من الرتبة الثانية.
[جائزة المهمة: تقنية السيف الانفرادي للقديس]
تحت كانت كلمات خافتة: وقت المهمة: لا محدود
فتح رايفن عينيه ونظر إلى القيصر أمامه وتمتم بصوت منخفض:
“وقت المهمة لا محدود.”
ابتسم القيصر ابتسامة خافتة خلف الظلام والظلال التي تغطيه، وأجاب وهو يسند ظهره على المقعد وقال:
“نعم… لكنه لا يعني أنك تملك الوقت للتردد.”
ساد صمت ثقيل لثوانٍ، قبل أن يكمل بصوت منخفض عميق:
“كل لحظة تؤخر فيها الخطوة الأولى، يقترب خصمك خطوة أخرى نحو القمة. من يطلب القوة، لا يملك رفاهية التردد.”
شعر رايفن ببرودة خفية تزحف من أسفل عموده الفقري، لكن عينيه ظلّتا ثابتتين، لا تزيحان عن الظلال التي تخفي ملامح القيصر.
قال بهدوء، لكن صوته كان يحمل شيئًا من التحدي:
“أنا لا أتردد… أنا أراقب. السيف لا يُشهر في الهواء، بل يُسل عندما يعرف أين سيضرب.”
ضحك القيصر، وكانت ضحكته كوقع الجرس في قاعة فارغة، لا تحمل سخرية، بل نوعًا من الرضا الغامض.
“جميل… إجابة تليق بعضو في مجلس التيجان السبع.”
ثم أكمل بصوت منخفض عميق:
“حسنًا، أعتقد أن لقائي معك اليوم قد انتهى. لكن يجب أن تكون حذرًا… ولا تتسرع في تنفيذ مهمتك. أيضًا، لا أمانع إن جنّدت تحتك مرؤوسين يساعدونك في مهامك، فهذا سيسهّل عليك تنفيذها على أكمل وجه.”
رفع يده ببطء، وبدأ الظلام يتراجع، والظلال التي كانت تغطي الفناء تنسحب كالدخان، ومعها اختفى القيصر تدريجيًا.
قبل أن يختفي تمامًا، دوّى صوته في أرجاء المكان، عميقًا، مترددًا بين الجدران:
“إلى اللقاء… أيها التاج الأسود.”
ثم ساد السكون.
—‐—‐—
في الكهف
فتح كريستوفر عينيه ببطء، وجتاحه صداع حاد كالخنجر يخترق جمجمته من الداخل. شهق، ورفع يده فورًا إلى رأسه، يضغط على صدغيه بأصابعه المرتجفة.
تمتم بسخرية وهو يتنفس بصعوبة:
“حسنًا… على الأقل الأعراض أقل من السابق.”
فكر كريستوفر بالقدرة الخاصة المسماة “التأثير على العالم من خلال عين السماء”.
باستخدام هذه التقنية يمكنني خداع رايفن… لكن آثارها الجانبية لا تمزح… تسك.
كانت رأسه ما يزال ينبض بخفة، وكأن أفكاره تتحرك فوق طبقة من الضباب السميك.
تنهد كريستوفر ونهض من الأرض ببطء، ساقاه ثقيلتان كأنهما مغمورتان في الطين. شعر بالإرهاق، ليس فقط الجسدي، بل ذلك النوع الذي يحفر عميقًا في الروح.
نظر حوله، ثم توجه إلى الملأه التي وضعتها له ميلينا بجانب الحائط الحجري.
استلقى بهدوء، وسمح لعينيه أن تنغلقا تدريجيًا، بينما كان آخر ما يشعر به هو دفء البطانية الخشنة ورائحة الأعشاب الطبية في الهواء.
لقد كان اليوم حافل… أكثر من اللازم.
دخل في نومٍ ثقيل.
—‐—‐—
اليوم الثاني
استيقظ كريستوفر على صوت طقطقة نار هادئة ورائحة حساء دافئ تملأ المكان. فتح عينيه ببطء، ولاحظ أن ضوء الشمس قد تسلل من شقوق في سقف الكهف، وانعكس على جدرانه الرمادية بإضاءة خافتة مطمئنة.
كان جسده ما يزال مثقلاً، ومغطى بضمادات بيضاء تلفّ جسده، لكنه شعر بتحسن طفيف.
“أنت مستيقظ أخيرًا.”
جاء الصوت من ميلينا، التي كانت تجلس بالقرب من النار، تقلب محتوى وعاء خشبي صغير.
ابتسم كريستوفر وهو ينهض ببطء، وقال بصوت أجش:
“رائحتها أفضل من الأعشاب التي وضعتها فوقي
البارحة.”