لحظة تناسخي وجدت عشيرتي على وشك الإبادة - الفصل الأول: التناسخ
الفصل الأول: التناسخ
عالم المجال السماوي،
أرض الشياطين!
“تشو فان! ستموت ميتة شنيعة!”
“تسعون ألف عام، أجل، تسعون ألف عام كاملة… تشو فان، أما آن أوان نهايتك؟!”
“سائر الأباطرة التسعة قد سقطوا، ولم يتبقَّ سواك، تشو فان! إلى متى ستصمد وحدك؟!”
“تبا لك، لماذا لم تمت بعد؟! لمَ لا تزال تحرس هذه الهاوية الشيطانية، مستمسكًا ببقايا هوسٍ غابر؟!”
“ليتني أحرقك رمادًا لأُطفئ نار الحقد التي اشتعلت في صدري لعشرات آلاف السنين!”
“أوشك الأمر على الانتهاء… لم يتبقَّ من الأباطرة العشرة سواك، ولن يطول الأمر حتى نخترق أرض الشيطان هذه ونبسط سيطرتنا على المجال الإلهي بأسره…”
في ذلك الفراغ السرمدي، كان الصراخ المليء بالحقد والغضب يتردد في الأرجاء دون انقطاع!
وما لبثت الأجواء المريبة أن ازدادت كثافةً وظلامًا!
وفجأة من قلب العتمة التي لا تُحد، انفتحت أزواج من العيون القرمزية المشتعلة بالجنون والحقد، فهزّت الهاوية الشيطانية بصرخة واحدة كأنها انفجار من غضبٍ مدفون!
تلك العيون الغريبة الحبيسة في أعماق الهاوية حدقت بنيّة تفيض بالقتل!
ومع ذلك رغم الزئير والصراخ الذي مزّق السكون، لم يجرؤ أحد على تخطّي العتبة والخروج من الهاوية!
فخارج الهاوية طفت منصات في الهواء، وكأنها جُزر معلّقة في السماء!
عشر منصات في المجموع.
تسعٌ منها، تعلوها هياكل عظمية مذهّبة بالظلمة، يكسوها الاضمحلال وملامح العصور الغابرة… عظيمة الشأن، لكنها مغمورة بالظلام!
أما المنصة الأمامية، فلا عظم فيها، ولا ظلام يغمرها!
بل يجلس عليها شاب بثياب بيضاء متربّعًا، وظهره للهاوية الشيطانية.
يحيط به ضباب الموت الخافت، غير أن هالته شوّهت الزمان والمكان من حوله!
وتحت ليلٍ سرمديٍّ لا نهاية له، كان ذلك الموضع وحده من يشعّ بنور!
جلس مغمض العينين ووجهه الوسيم يحمل آثار السنين التي أثقلته، وشَعره الأسود المنسدل يبلغ خصره.
ذلك الشاب هو من كان يكبح الهاوية الشيطانية بقوته، ويمنع مَن فيها من الغرباء والكائنات الشيطانية أن تخطو خارجها!
ورغم اللعنات والصراخ خلفه، لم يُعرها أدنى اهتمام، بل قطّب حاجبيه واضطرب كيانه بين حين وآخر!
~طقطقة~… ~طقطقة…~
لم يتحرك البتة لكن الفضاء المحيط به بدا وكأنه على وشك التصدّع، والتشوه يزداد، وصوت التكسير في الفراغ يعلو!
وبعد زمن…
~ووش!~
فتح تشو فان عينيه فجأة، فانبعث منهما نور لا يُحد، وفي أعماقهما اتّقدت مجرّات من العوالم، كأنها تحوي أسرار الكون!
اهتزّت المنصة من تحته بشدة.
وفي تلك اللحظة سكنت الهاوية الشيطانية خلفه فجأة، وصمتت الكائنات القابعة في الظلام رهبةً منه!
لكن، في خضم هذا السكون المفاجئ…
همس الشاب:
“أنا… هل تناسخت؟!”
لمعة من الدهشة ارتسمت في عيني تشو فان، وقد خرجت الكلمات من فمه لا إراديًا!
ومع تدفق كمٍّ هائل من المعلومات في ذهنه، شهق من شدّة الألم، وأخذ جسده يرتجف!
لقد تناسخ حقًا!
وفجأة…
ارتعدت أعماقه، وعقله لم يعد قادرًا على الهدوء!
فهو في الأصل طالب جامعي بسيط من دولة الاتحاد في كوكب “النجمة الزرقاء”.
كان وقتها في عطلة الصيف، سهر حتى الفجر منشغلًا بلعبة غامضة اجتاحت الكوكب في شهرٍ واحد—المجال السماوي!
لعبة أسرت الصغير والكبير، حتى الأطفال في السادسة والعجزة في الثمانين لم يفلتوا من سحرها!
وقبل أن يتجسد كان تشو فان قد أمضى نصف شهر منغمسًا في هذه اللعبة، حتى وصل إلى مواجهة العدو النهائي فيها—الإمبراطور الخالد للمسار الشيطاني!
في تلك اللحظة كان اللاعبون من شتى المناطق يهاجمون الإمبراطور، وقد أوشك أن يبلغ نهايته، وقربت لحظة سقوطه!
لكن—
تشو فان ما زال يذكر بوضوح أن ذلك الإمبراطور الأنيق، ذو الثياب البيضاء والنظرات الساحرة، قد التفت إليه عبر شاشة اللعبة وقال له همسًا ما زال يقشعر له بدنه:
“حلّ مكاني… كن أنا… وتجاوزني!!!”
ظنّ وقتها أنها مؤثرات بصرية عبقرية، وأن اللعبة واقعية حدّ الخيال!
لكن في اللحظة التالية…
انطفأ كل شيء أمام ناظريه!
وحين فتح عينيه مجددًا…
كان قد دخل عالم المجال السماوي فعلًا!
ومع اكتمال اندماج الذكريات في ذهنه…
“هــاه!”
اتّسعت عينا تشو فان، وهاج في قلبه موجٌ عارم!
نظر إلى ثيابه البيضاء النقيّة، وإلى وجهه الوسيم المتّسم بالذهول… لا عجب أنّه شعر بألفة غريبة!
‘لمَ حدث ذلك…؟’
إن هويّة هذا الجسد ليست سوى الشرّير الأعظم في مستقبل اللعبة—
الإمبراطور الخالد للمسار الشيطاني!!!
وما إن استعاد مشهد المواجهة الأخيرة، حين أوشك على اجتياز المرحلة قبل تناسخه، حتى أظلم وجهه فجأة!
“إذًا، أنا العدو الأخير؟!”
صرّ على أسنانه وهو يكظم غيظه، وقال ممتعضًا:
“هل سيتّحد جميع اللاعبين لمهاجمتي في هذه المرحلة؟!”
لقد وجد الأمر صعبًا على التقبّل للحظة!
“حلّ مكاني… كن أنا… وتجاوزني…”
استعاد تشو فان كلمات _الإمبراطور الخالد للمسار الشيطاني_ قبل تناسخه، فارتعش فمه باستياء!
كيف لي أن أقاوم استراتيجيات آلاف اللاعبين وأنا وحيد؟!
وفجأة بينما كان يتأمل المكان من حوله، ضاقت عينيه وانعقد حاجبيه!
“مهلًا…!”
شعر بأن هناك خطبًا ما، فأعاد النظر بدقة!
وما إن تأكّد، حتى بدأ نفسه يتسارع، ولمع بريقٌ حاد في عينيه!
“هذا ليس ميدان المعركة النهائية… بل هو أرض هاوية الشياطين؟!”
اضطرب قلبه، وهتف بدهشة:
“إذًا، في هذه اللحظة، أنا لست الإمبراطور الخالد للمسار الشيطاني في المرحلة المتأخّرة للعبة، بل أنا الإمبراطور العظيم هوانغتيان، الذي لا يزال يحرُس هاوية الشياطين!”
“وقد دخلت إلى هذا العالم مبكّرًا؟!”
وما إن استوعب الحقيقة حتى ارتجف كيانه، وانفجر وهجٌ قويّ في عينيه!
“إن كان الأمر كذلك… فلا خوف بعد اليوم!!”
تغيّرت ملامح وجهه، وشحذ بصره، وارتسمت على شفتيه ابتسامة واثقة!
طالما أنه دخل مبكرًا، فما زال أمامه متّسع من الوقت لتغيير المستقبل… بل وتغيير مصيره نفسه!
في هذا العالم حيث الممارسة هي الطريق تبدأ المستويات فيه من: تكثيف العظام، وبناء الأساس، وبحر الروح، ومظاهر لا تُحصى، والملك، والعاهل، والقصر السماوي، والأسمى، والقديس (كائن مثالي)، والإمبراطور العظيم، ثم الإمبراطور المبجل…
وهو منذ البداية قد تناسخ في جسد يملك قوة الإمبراطور العظيم،
فممَ يخاف؟!
لكن…
حين وقعت عيناه على الهياكل العظمية التسع التي تعلو بقية المنصات، تغيّرت ملامحه!
“تلك… هي رفات الأباطرة العظام الذين سقطوا واحدًا تلو الآخر بفعل الزمان!”
راودته فكرة مزعجة، فاهتزّ جسده، وقال بصوت خافت متهدّج:
“أنا الناجي الوحيد من بين الأباطرة العشرة… وفي هذه اللحظة من التاريخ…”
“اللعنة… عشيرتي!!”
عندها فقط ازداد تنفّسه توترًا، وبدأت ذكريات مطمورة في الأعماق، تعود إلى سطح الوعي بعد عشرات آلاف السنين من السكون!
“وفقًا لسير الأحداث في النسخة الأصلية من اللعبة، فإن أجلي كان وشيكًا… ورغم ذلك، ظللتُ ثابتًا بحكم الإصرار، أؤدّي مهمّة حراسة هاوية الشياطين، فيما عشيرتي على وشك الإبادة…”
ارتفع صدره وانخفض، وتألّق ضوء مرعب في أعماق عينيه!