عصر النار والدم - ولادة الدم - الفصل الأول: قرية غراين
[المجلد الاول: ولادة الدماء]
لطالما جلب الربيع الرخاء للعديد من القوى، متجاوزا قوانين العوالم نفسها. كان هذا مناسبا لقارة أزفورت التي كانت أرضًا خصبة مليئة بالألوان العديدة وواسعة بقدر ما تستطيع العين أن ترى.
غابة القمر الشمالي التي كانت جوهرة جميلة بين العديد من الجواهر في قارة أزفورت لم تكن الأكبر، ولكن يمكن القول إنها واحدة من أكبر الغابات في القارة و الأخطر أيضًا . قبل مدة طويلة تقريبًا، لم تتواجد هذه الغابة، بل وبشكل مفاجئ ظهرت من العدم. ادعى العديد أنه يسكن بها العديد من الأعراق المميزة والجديدة في القارة وأنهم رأوا بعضًا منهم. ولكن لم يكن هنالك احد ليؤكد صحة هذه الادعاءات.
كانت هنالك قرية على أطراف غابة القمر الشمالي، قرية عادية تقع بجانب النهر والغابة إلى يسارها. حيث كانت الغابة تقع في الجهة الشرقية وتفصل بينها نهر طويل يمتد ليصل للبحر المظلم.
كان سكان قرية غراين يعملون في الزراعة والصيد لم تكن القرية كبيرة الحجم, لكنها كانت كبيرة بما يكفى لرؤيتها من مسافة بعيدة، كانت محاطة بسلسلة جبال على يمينها، وأقرب مدينة كانت فارونت، حيث كان يعيش الدوق واين، على بعد حوالي 100 كيلومتر.
لم يكن الدوق واين من النوع الصارم، لم يرفع الضرائب على القرى التابعة لإمارته. أعطى القرويين كل الوقت الذي يحتاجونه لجمع المحصول. لذلك كان دوق واين أحد أكثر الأشخاص محبوبية في الجزء الغربي من الإمبراطورية.
صبي صغير يحمل سلة مليئة بالفواكه على ظهره، سار في الطريق للوهلة الأولى بدا ان السلة ثقيلة حتى بالنسبة للبالغين، لكن الفتى حملها بسهولة. كان شعره الأحمر الداكن مثل النار، وعيناه الرمادية قد ناقضت شعره، جبهته تصببت عرقًا، لهث بشدة كما لو كان على وشك الانهيار من التعب، لكنه استمر في المشي دون توقف.
وصل الفتى إلى القرية، وكانت الشمس قد أشرقت بالفعل. لم يكن هناك الكثير من الناس مستيقظين، فقط بعض الذين خرجوا للصيد. “أوه… انظر, لقد عدت بسرعة هذه المرة. كيف كان القطف هذه المرة؟”
بينما كان يمشي سمع فيراك صوتًا ونظر نحو مصدره مبتسمًا. كان رجلا أصلع ذو الحية سوداء مخططة بالأبيض. لم يكن هناك شعر على يديه، مما يدل على ساعات من العمل أمام النار، ” كان جيدًا على العكس باقي المرات, العم بيللي هل ترغب في واحدة؟” مد فيراك يده إلى السلة وسحب تفاحة حمراء مقدماً إياها لبيللي، “لا، أنت من قطفها . كيف يمكنني اخذها دون ان أعطي شيئًا في المقابل؟”
ابتسم بيلي عندما رأى فيراك يعطيه التفاحة، “ها هي، خذها العم بيللي لا اريد شيئًا في المقابل: أنا من أعطيك إياها في النهاية” استطاع بيللي رؤية العزيمة في عيني فيراك، لذا أخذها من يده وشكره.
” يبدو ان والدك قد جعلك تقطف الأعشاب هذه المرة؟” سأل بيللي عندما رأى الحقيبة التي على خصر فيراك” اوه اجل، يقول أنه علي أن أتعلم جميع أنواع الأعشاب، لذلك في المستقبل، سوف أصبح الشخص المسؤول عن زراعتها”
ضحك بيللي قليلا عندما سمع ذلك ” حسنا، على الرغم من أنني ليس لدي أي خبرة في عمل أبيك، كما هو واضح لك ، إلا أني أعرف أنه مهم, لذا فلتبذل جهدك”.
كان بيلي الحداد الوحيد في القرية، يأتي بعد رئيس القرية مباشرة من حيث الأهمية. لقد عاش معظم حياته في هذه القرية، حتى قبل وصول رئيس القرية الحالي؛ كان قد عاش وعمل كحداد هنا بالفعل.
في القرية هناك ثلاثة أشخاص، يكن الجميع لهم الاحترام، الأول بالطبع هو زعيم القرية ريتشارد. لم يكن ريتشارد شخصًا ولد في هذه القرية؛ بل أرسله الدوق واين بعد وفاة الزعيم السابق بسبب الشيخوخة. ريتشارد كان من النوع الذي كان صارمًا ولكنه لين في نفس الوقت، وبسبب ذلك أصبحت القرية أكثر استقرارًا. بالإضافة إلى ذلك بفضل أوامره تجنبوا العديد من الكوارث التي كان يمكن أن تسببها الذئاب الصخرية، والخنازير البرية .
ثم يأتي بيلي، الحداد الوحيد في القرية، قرية مثل غراين حيث المصدر الرئيسي للغذاء يأتي من صيد الحيوانات. أهم شيء هو سلاح الصيد، لذا كان بيلي أحيانًا أكثر أهمية من رئيس القرية نفسه.
بعدهم يأتي في الأهمية لهذه القرية, دوران, أو كما يسميه القرويون, طبيب القرية. كان دوران غريبًا على القرية؛ وصل قبل ثماني سنوات، واستقر هنا، وبدأ عمله كطبيب. جاء دوران مع ابنه فيراك، ذو التسعة أشهر في وقتها.
في ذلك الوقت. أحب القرويون دوران لسببين: الأول لأنه كان الطبيب الوحيد المتاح. قبل وصوله ، كان على القرويين إرسال المصابين إلى قرية أخرى بها طبيب، وكانت تبعد 100 كيلومتر. لذلك، بعد مجيئه ، بدأ الجميع في القرية يذهبون إليه حتى لأصغر القضايا. السبب الثاني هو أنه طيب القلب؛ بل كان يساعد المحتاجين دون أن يطلب شيئًا في المقابل.
على أعلى نقطة من التل الصغير بالقرب من القرية, كان هناك بيت خشبي صغير خلفه، مع حديقة من الأعشاب الطبية، والتي كانت ذات ألوان مختلفة. هذا أعطى المكان جؤا سحريًا.
سار فيراك إلى المنزل، ووضع سلة الفاكهة والأعشاب بجانب الباب عندما دخل. انتشر عبق الأعشاب نحوه؛ لقد بدا كأنه عطرٌ مهدئٌ.
خطا فيراك إلى الحديقة ورأى والده جاثيًا، يقطف بعض الأعشاب. بدا والده مركزًا أثناء العملية، لأنه إذا حدث خطأ صغير خلالها، يمكن أن تذبل العشبة وتفقد فعاليتها السحرية.
لم يتحدث فيراك حتى لا يشتت انتباه والده، تذكر أنه في مرة من المرات تحدث بينما كان والده يجمع بعض الأعشاب، مما أدى إلى موت النبات وتلاشي تأثيره. لا يزال يتذكر غضب والده في ذلك الوقت، ولم يرغب في أن يحدث ذلك مرة أخرى.
بعد لحظة قصيرة من الانتظار نهض دوران وهو يحمل بعض الأعشاب ووضعها في الحقيبة الصغيرة المعلقة على خصره. عندما استدار ورأى فيراك واقفًا أمام الباب، شعر ببعض الدهشة، لأنه لم يشعر بوصوله. “آه، فيراك، منذ متى وأنت هنا؟”
بالطبع كان والده يشبهه كثيرا، ولكن شعره ذو لون أبيض ثلجي، وعيناه صفراء كاللهب. ارتدى رداءً أبيض وعلق على خصره حقيبةً صغيرةً يضع بها الأعشاب أجاب فيراك “لقد وصلت للتو منذ لحظة. لم أرد أن أشتت انتباهك، لذلك لم أصدر أي صوت”
ابتسم دوران قليلاً وقال: “من الجيد أنك فعلت ذلك. والآن أعتقد أنك جائع بعد العمل، أليس كذلك؟” تألقت عينا فيراك، وصت قرقرة معدته قد علا وكأنها تقول إنها تريد الطعام. لاحظ دوران ذلك ولم ينتظر رد ابنه؛ ذهب إلى المطبخ لتحضير وجبة الافطار.